قصة

قصة قصيرة 

قصة قصيرة 

بقلمي زينب كاظم 

التقينا تخاطرا 

كانت وردة فتاة عشرينية رقيقة جدا ولطيفة ومهذبة وتملك مبادئا وقيما سامية وعالية رغم أنها عاشت حياة صعبة وطفولة مليئة بالظلم والتعنيف والفقر إذ ولدت يتيمة الأم وأبا مدمنا للخمر يعنف أولاده لفظيا ونفسيا وجسديا لكن استطاعت هي وأخوتها أن يربوا أنفسهم على قيم وأخلاقيات مجتمعهم الشرقي وأخذوا من كتب الدراسة أمورا وضعتهم في سور اخلاقي ثري بالأدب والدين فعاشت كل حياتها وكان همها الأول والأخير هو أكمال دراستها لكي تعتمد على نفسها ولا تحتاج لأحد ماديا ومعنويا وكانت بعيدة كل البعد عن عالم الرجال بل تربت وفي داخلها عقدة أنه كل الرجال يتسكعون بالشوارع ومدمنين ويعبدون شهواتهم ويضربون أولادهم كوالدها ،لكنها وفي مرة من المرات وهي جالسة تتصفح على جهازها الذكي في تطبيق الأنستاغرام تحديدا بعد يوم شاق من العمل والدراسة شاهدت أحد الفنانين الواعدين يفتح بثا ويتحدث إلى الناس والى متابعيه بعفوية وهدوء وأدب ويمزح مع جمهوره ويأخذ آراؤهم بخصوص أغانيه ومواضيع الأغاني المصورة ويسألهم أي أغنية راقت لهم ونالت إعجابهم ويضحك معهم ويتابع وجهات نظرهم في إطلالته والناس ترد عليه بتعليقات وتدعو له بالتوفيق لأنه انسان مسالم ومحبوب ومتواضع فأعجبت به كثيرا وبشخصيته العفوية ،فذهبت تبحث في تطبيق اليوتيوب عن أغانيه ودخلت لمحرك البحث گوگل لتعرف كم عمره ومعلومات أخرى مثل مواليده تحديدا وأكتشف أنه يكبرها ستة أشهر ونصف وعرفت من اي برج هو فقرأت صفاته وما يحب وما يكره بل وعرفت أمورا تخص حياته الشخصية فوجدت أنه اكمل كلية أكاديمية الفنون الجميلة قسم المسرح لكنه مولعا بالغناء وأن والدته كانت فنانة قبل أعتزالها ولها بعض الأغاني القديمة القليلة وأنه ليس متزوجا بل وبحثت في صفحاته على الأنستاغرام والفيس بوك والتويتر فعرفت معلومات ومعلومات أكثر وأكثر فوقعت بحبه بجنون وصارت تجمع صوره وتضعها في غرفتها مثل فتيات جيل الثمانينات بل وخصصت دفترا خاصة تكتب فيه معلوتها عنه وأصبحت مهوسة بشخصيته ووجهه وملامحه فصارت تحلم به بشكل يومي تقريبا فأهملت صديقاتها ودراستها أيضا لفترة محدودة من الزمن فلم تكن معجبة عادية كأي واحدة من جمهوره بل عشقته قلبا وقالبا ،لكنها كانت تتألم فهي لا تستطيع أن تلتقيه لأنها لا تعرفه الا من خلال وسائل التواصل وتخجل من مراسلته لأنها فتاة مؤدبة جدا فقررت أن تتخاطر معه ورغم صعوبة هذا الشيء لأن التخاطر لا يتم إلا بين اثنين يعرفان بعضهما ولو قليلا لكنه لا يعرفها رغم ذلك قررت أن تتخاطر معه رغم صعوبة ذلك فظلت تدخل على تطبيق اليوتيوب وتجرب طرقا مختلفة للتخاطر من المختصين بهذا الأمر وأحيانا كانت تفقد الوعي لأنها ترهق جدا وتذهب لعالم أخر لكن في إحدى المرات دخلت على إحدى القنوات لواحدة من المختصات بالتخاطر وكانت متمرسة ومتمكنة جدا من هذا الشيء فتخاطرت مع هذا الفنان ورددت أسمه مرارار وتكرارا وتخيلت نفسها انها سارت في طريق طويل شبه مظلم حتى وصلت إلى نقطة مضيئة في نهاية هذا الطريق ففتحت لها بوابة زمنية ومكانية لمكان ما فيه بحر مترامي الأطراف وواسع وعلى الشاطيء رمال وكانت ترتدي فستانا أبيضا محتشما وشعرها الأسود الطويل منسدلا على ظهرها فخلعت حذاؤها في هذا الحلم أي حلم اليقظة أو النوم هي نفسها لم تستطع تحديد ما إذا كانت تحلم حلما في الواقع أو في النوم بل وحتى أرجلها وكأنما لامست الرمال التي عند شاطيء البحر فألتفتت فإذا بها ترى ذلك الفنان الشاب فسار نحوها في ذلك الحلم بكل شغف وهي مندهشة لأنه كان يقوم بأفعال لم تحددها في الحلم أي بإرادته هو وليس بإرادتها مثلا لمس يديها وقبلها ووضع يده على رأسها وشعرها وقال لها بأنه يحبها ثم أراد احتضانها ففزعت كونها تخاف ولكونها فتاة تملك حياء وخجلا فاكتشفت أنها في حلم وخيال فبكت وقررت أن هذه آخر مرة تقوم بالتخاطر معه لأن هذا الأمر اذاها صحيا فصار عندها صداعا واكتئاب ،فرجعت لدراستها وعلاقاتها مع صديقات طفولتها وصباها وشبابها لكنها ظلت تتابع ذلك الفنان بحب وحسرة وفي مرة من المرات ظهر هذا الفنان في بثا مباشرا يحادث جمهوره بعفوية وصدق وابلغهم أنه كان ما بين النوم الصحوة ظهرت له فتاة ترتدي فستانا أبيضا محتشما رقيقة جميلة شعرها أسودا فنظر لها بشغف وركض نحوها لأنها فتاة أحلامه وتوأم الشعلة له كما صنف ذلك علماء النفس والتنمية البشرية وعلماء الطاقة وغيرها وأنه قبل يديها ولمسها وحاول احتضانها فخجلت وركضت فصحى هو من نومه باحثا عنها فلم يجدها فأدرك أنه حلم يقظة وأبلغ جمهوره أن يدعو له بأن يجدها على أرض الواقع وأنه لو وجدها سيكسر العزوبية ويتزوج فانذهلت وردة مما سمعت إذ أنه ذكر أمورا وتفاصيلا لا يعرفها أحد سواها ،لكنها ظلت تذهب الى محل الحلويات الفاخرة الذي تعمل فيه كعاملة كعادتها بعد أن تنهي دوامها في الجامعة وفي إحدى المرات فوجأت بأن سيارة حمراء فارهة وقفت جنب ذلك المحل ونزل منها ذلك الفنان الشاب الجميل والهادئ ودخل المحل فأصابت بالذهول وقامت بالقفز تارة والدوران حول المكان تارة قبل دخوله ثم دخلت ضربت نفسها خوفا من أن يكون ذلك حلما وغسلت وجهها ورتبت مكياجها وشعرها وملابسها قليلا فخرجت فوجدته يتحدث لعامل اخر يعمل معها ويطلب منه بعض الحلويات الفاخرة والكعك والكيك ، فما أن خرجت له حتى بهت وصمت صمتا طويلا أمام عينيها وقال لها أنت فقالت له نعم وبلا أي لحظة تأخير طلب منها الزواج فوافقت فذهبا إلى مكان يشبه ذلك الذي التقيا به حلما فحدثته عن حياتها فتعاطف معها وأحبها فعلا فذهب وطلب يدها من إخوتها لأنها كانت في ذلك الوقت قد فقدت والدها المدمن كذلك فتزوجا وانجبا ولدا اسموه حلم وبنت أسموها عشق .

قصة قصيرة 

قصة قصيرة 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى